هذه القصيدة، التي تتحدث عن قبيلة بني مغيد أثناء وجود العثمانيين في عسير. وشاعرها هو الأمير علي بن محمد بن عايض الذي ولد عام 1275هـ، وقاد الثورة ضد العثمانيين، حتى وفاته , ثم استعادت أسرته فيما بعد الحكم في عسير وحتى قيام دولة الملك عبدالعزيز، . وهذه القصيدة أرسلها من تهامة، وربما تكون من قصوره في الحرملة، إلى اخيه عائض. ويقال أنه بعث هذه القصيدة وهو مريض، إذ أصيب بمرض أقعده فترة، ثم شفي منه. والرواة يختلفون في إيرادهم لهذه القصيدة، فبعضهم يحفظ جزء منها، وبعضهم يسقط بعض الأبيات، لكن ما نورده أدناه، هو كل ما استطعنا جمعه من هذه القصيدة، التي تأرخ لفترة من تاريخ عسير.
ألا يا الله يا خير مرتجى=طلبنا الذي شال السماء واعتلا بها
أنا أرجوك تغفر لي ذنوبي وزلتي=متى أمسى الخلايق في جزيل اكتسابها
ونجيتني يا رب من ضيق حفرة=قطابٍ صلاياها مهيل ترابها
وأنا أسألك في الجنة وطيب نعيمها=كثير فواكهها لذيذ شرابها
مضت مدة وأنا في التهم نازل=ولا احصيت من الايام كم هو حسابها
فكم طالت السيرة علينا وكم مضى=من الدهر وأنا في صدأ يِرحنا بها
وفي ما مضى والجسم غض وناعم=وفي صحة عزت علي انقلابها
فلما نزل بي ما نزل من عوارض=وضاقت علي النفس مما جرى بها
فيارب تغفر لي ذنوبي وزلتي=فأنت رجائي يا إلهي وبابها
فمن هو بريدي فوق مهر مزين=يؤدي الرسائل لا يغير خطابها
يبكر من الطور اليماني برهة=ورب البرايا مجزل له ثوابها
ومنصاك عايض نور قلبي وناضري=محل اشتياقي في فؤادي وبابها
فبلغه سلامي وأكمل تحيتي=عدد ما يهل من الزبر من سكابها
وقل له على الرحمن نشكو همومنا=فكم من هموم زال عنا اقترابها
فيا ليت من هو عند لخوان نازل=على حزة مبروكة لا عنا بها
ما بين جمهور وشبل بن بارق(1)=مصاريع خيبر ذا ضمين قطابها
مغيد الخطا في الحرب ونتابـع القـدى(2)=لمن يعرف القدوة ويحسـن طلابهـا
فتر نولنا الحمـرا وفـي ريـم حدنـا(3)=وحـزنا المقافـي فـكـلٍ درابـهـا
وجـال المحـارث مـن يمنهـا حدودنـا=وشرقيهـا قاعـد خلاص زهابها
وبحريها طور اليزيدي بقعة لنا=وفي الجو لسود حيث لا مغتوا بها
وشاميهـا صبيـان فـارس قبيلة(4)=على ملزمة عشران واديٍ لـوى بهـا
وفي داعية قوم الخنق ضنة لنا(5)=شباب يشوق العين نظرة حزابها
وفيهم شيوخ كلهم حرز ماقف=يسدون لرياع التي يقتنا بها
فلا حاربٍ يضفر بهم لـو نـوا بهـم=تـر التـرك أغنـام وترهـم ذيابهـا
وتر سعدهم لا ما قـد الغمـر يختلـف=فحرز المناشـر والمناهـل وزى لهـا
فذا هو مقرٍ لـم نقيّـس لـه الحسـد=فيرعى المناشر والمناهـل سقـا بهـا
وذا قيّس الجحـدان فـي بقعـه لنـا=نصـده بغـاراتٍ تهيـل انقضابهـا
بدعوى مغيـدٍ حمـر الأعيـان كلهـم=سعود الملبى لو صرخ واهتـرى بهـا
إذا زاعهم صـوتٍ يسلـون خاطـرك=وتعجبك فزعتهـم وسرعـة جوابهـا
وكم شارةٍ من فضل ربـي وهـي لنـا=ليوث بضرب السيـف ناطـى رقابهـا
نوشي مداهيـر مثـل الرعـد قاصـمٍ=قـد البَـر يغلـي والبحـور ارتعابهـا
نقوم المقام الصعب من ذا يقـوم بـه؟=إذا هجـت البـزل نعـدل صعابـهـا
فجمهور مدهار الحرايب وصلوها=وهم قدوة في الدين والشيمة وحسن اعترابها
وحن من عسير الهول من ينطح الكرب=وحن فوق جمع الروس تر حن شهابها
وذا قول من لا يحسب الغيض والرضى=من اسـم القبايـل بعدهـا واقترابهـا
ونرجو من الاخوان في صالح الدعاء=عسى دعوة رب السما يستجابها
ونختم بذكر المصطفى سيد البشر=نبي الشفاعة يوم كل يهابها
1-جمهور: لقب لبني مغيد، ومعناها الكثيري العدد. شبل بن بارق: هم قبائل آل ثوابي وآل مسعودي وآل النجيم، وآل سعيدي وبني مازن من علكم. وبني مغيد هم احدى قبائل عسير السراة الأربع ومنهم أل عائض أمراء عسير .
2-مغيد الخطا: أحد ألقاب وعزوات بني مغيد، ومعناها الذين يتصدون لأخطاء الخارجين عن الحق فيردونهم إليه.
3-نولنا: النول هو العلامة، ويقصد بها العلامة التي تبين حدود قبيلة بني مغيد.
4-صبيان فارس: لقب أهل العكاس.
5-قوم الخنق: أهل الخنق، وهم: أهل البدلات، وآل زيدي، والشبارقة، من بني مغيد