أبو زيد الهلالي ( سيرة + شجاعة + شعر )
أبو زيد الهلالي اسمه الحقيقي (سلامة بن رزق بن سرحان الهلالي ) ويعودون إلى هلال بن عامر ، ودعيني أتحدث عن قبائل بني هلال الذي منهم (سلامة) المزعوم. سكنت قبائل بني هلال بالجزيرة العربية ووسطها الجنوبي تحت إمرة شخص يسمى (سرحان) الذي له ابنان الأول رزق والثاني حسن، وهو جد ّ سلامة المعروف بأبي زيد الهلالي، وبعد موته انتقلت الزعامة إلى ابنه الأكبر رزق والد أبو زيد الهلالي وما لبث أن قتل وابنه أبو زيد صغيراً فذهبت الزعامة إلى الابن الآخر وهو حسن. وهذه القبيلة لها عدة هجرات ، أذكر منها
هجرتهم إلى الشام ، والعراق ، ومصر ، والسودان، وشرق الجزيرة العربية وعمان خصوصا في أطراف البريمي ، التي هي حدود المملكة العربية السعودية مع عمان ومعروفة بخصوبة أرضها ووفرة مياهها.
هذا عن القبيلة والزعامة ، أما عن أبو زيد الهلالي فنذكر له بعض اللمحات من قصصه.
نبوغه المبكر
كان يسرح بإبل جدته وصدف أن مرّ عليه بالمرعى رجل يحمل سيف بتاراً وقال الصبي لأبو زيد الهلالي : ارني السيف ،فلما رآه تفحصه وأعجبه ، قال : بعني هذا السيف ، فرفض الرجل أن يبيعه في بداية الأمر فأخذ يزيده بالسعر حتى دفع جميع الإبل الذي يرعاها مقابل هذا السيف واشترط أن ينيخ أحد الجمال وأن يضربه بالسيف على سنامه ، فإن انقطع الجمل نصفين يشتريه وإلا فتكون البيعة باطلة، فوافق الرجل وأناخ واحد من الإبل وضربه حتى استقر السيف في التراب بعد أن انقسم الجمل إلى نصفين ، فأخذ أبو زيد السيف وأخذ الرجل جميع الإبل مقابله.
فلما عاد الرجل إلى جدته وسألته عن الإبل أخبرها بالقصة فامتعضت وتحسرت ولكن لا فائدة ، وقالت له ( دعوة ): لعلك ما تأتي بالعنز وبنيتهّ ، والعنز هذه فرس معروفة ، وفي اليوم التالي خرج أبو زيد وغار على أحد القبائل وكسب جميع إبلهم و عاد إلى جدته ففرحت بذلك فرحا شديدًا.
أبو زيد معروف في الشعر والفروسية ومعروف وكذلك بمحبته لعلياء ،
وهو مضرب مثل بالشجاعة والفروسية ، ومن شعره عندما عاد من تونس:
لقيت لكم عن داركم دار عيشه
0000000000 ولقيت لسمحات الوجـيه فلاه
في ديرة فيها الزناتي خليفه (1)
0000000000 عليه من حليا ذياب (2) حلاه
من فوق خضراء وأنت من فوق مثلها
0000000000 والـــكل تدرا باللــقاء شلفاه
لكن ما ضنيت نهنا بجالها
0000000000 دام الزنـــاتي نايلٍ (3) حياه
=* =* =*=*=
(1) ملك تونس في عهده.
(2) ذياب بن غانم راعي "الشلفا" من أصحاب أبو زيد الهلالي.
(3) ما دام الزناتي على قيد الحياة .
المقصود :
أن أبو زيد الهلالي عندما ذهب إلى تونس وجد الفلاء والخضرة والمراعي وأعجبه ذلك ، ولكنه واجهته مشكلة ألا وهي وجود ملكاً فارسا ً لا يستطيعون الذهاب إليها ، ما دام أنه على قيد الحياة.
ومن أشعار عليـــــــــاء حبيبة أبو زيد فيه :
قولوا لأبو زيد أن بغاني بغيته
000000000 وإن دوّر الـبدلا لقـــــينا بدايــــل
أبو زيد تنساني وتنسى جمايلي
00000000 تنسى جـميل يا جـــحود الجـــمايل
وقولوا لأبو زيد راني عليلة
00000000 وما بقـى مـن حالــــي إلا القــلايل
القلب ما تبرى مشاكيه بالعزى
00000000 ولا تنفع القـلب المــــحب العــذايل
ترى من بذر حب الشعير استرده
00000000 ومن قدّم الحسنى تقاضى الجـمايل
أبو زيد لو أن النساء تركب النضا
000000000 جيتك على وجن من الهجن حايل
كن يد البذّار أوماي رأسها
000000000 وإن درهمت في حاميات القوايل
ومن أشعار أبو زيد الهلالي كذلك :
يقول أبو زيد الهلالي سلامة
000000000000000 قلبي غدا ما بين شاري و شـــايم
قالت لنا يا ركب وين دياركم
000000000000000 ومن وين جيتوا يا رجال المكارم
قلنا لها شعار من دار عامر
000000000000000 تقازا بنا أكوار البكار الهــمايـــم
قالت حشا والله ما ذا بعلمكم
000000000000000 كذبتوا علينا والوجيه العلايـــــم
معي علمكم مرعي ويحيى ويونس
00000000000000 أبو زيد لباس الدروع الرسايـــن
رحنا عن أم القدّ (نجد) وقعلت
0000000000000 بيوت العذارى قارنيات الوشايــــــم
ما به يد إلا يد الله فوقها
000000000000 ولا ظالم إلا ويبلى بظــــــــــــــالــــم
أعمارنا راحت نداري زماننا
000000000000 ولا خير في عمر مداراه دايــــــــــــم
لك الله ما ذقنا بنجد طرابة
0000000000000 يكود وقت العيد و إلا الصرايــــــــم
يـــا نجد إن جاك الحيا فازعجيلي
0000000000000 مع الطير وإلا موميات العلايـــــــم
وقصص بنو هلال وبالذات أبو زيد الهلالي و ذياب بن غانم و العزيز بن خاله ، ولعلنا هنا ننتهز ونورد قصة مقتل عزيز بن خاله على يد خاله أبو زيد :
عندما جاء أبو زيد الهلالي خبر زواج محبوبته علياء بشخص آخر أراد أن يذهب ليفسد هذا الزواج لأن علياء مرغمة عليه فأراد أن يختار له رفيق درب يكون جلد المراس شجاع ، ففكر في حيله يختبر فيها الرجال وهي أن يأتي بجانب الرجل المراد ويغرس كوع يده بشده على فخذ الرجل المقصود ، فأن صاح ألما تركه ، واختبر غيره ، ولم يجد سوى عزيز بن خاله الذي تألم كوع أبا زيد وهو لم يتضجر أو يحسّ.
فكان هو بغية أبو زيد و مطلوبه وذهبوا سويا إلى مكان الزواج في بلدة أخرى ، وعند وصولهم في ليلة الزواج حصل مشادة بين الزوج وعزيز بن خالة نتج منها جرح في يد عزيز ، وعند عودتهم من المهمة فكر أبو زيد في التخلص من عزيز هذا الشجاع الذي ربما ينافسه على زعامة قبيلته و وعند مرورهم بأحد الآبار أراق أبو زيد المياه الموجودة في القربة وقال لعزيز : انزل إلى البئر لتملأ القرب ، وحاول عزيز إفهامه بأن يده مجروحة وإذا لا مست الماء سوف يؤدي هذا الجرح إلى حتفه، إلا أن أبا زيد أصر على نزوله البئر ، وقال له : سوف أكون حريصا على عدم ملامسة الماء لجرحك ، ولكنه أظهر عكس ما أبطنه ، فأخذ يهز الدلو متعمدا انسكاب الماء على جرح عزيز ، وفعلاً تأثر الجرح وتوفى عزيز، وقال قصيدته المشهورة في آخر لحظات عمره :
يا خال عمّق حفرة القبر بالثرى
000000000000 وسيفي و رمحي حطها لي نصايب
ليّا سباع البر تنهش طوارفي
00000000000 تروح من بين الضوراي نهايــــــب
لعل بني هلال ينصون قبري
000000000000 ويجذن عليّ منقضات الذوايــــــب
يا خال أبودعك غرٍ من الصبا
000000000000 يلعب مع الصبيان وأبوه غايـــــب
من ولية شينه ومن ضربة العصا
000000000000 ومن نزرة تودع فؤاده حطايـــــب
وقولوا لبنت أمي تغطى وتستحي
000000000000 لا جالها الوارث فوق النجايــــــب
وقولوا لبنت العم ترحل لاهلها
000000000000 حرّم عليها اليوم شوف الحبايــــب
فلما وصل أبو زيد قابله الطفل الصغير ابن عزيز فسأله عن أبيه ، فقال أبو زيد :
أبوك بالمغزى يجيب غنيمه
00000000000 ومن طوّل الغيبات جاب الغنايــم
فرد الطفل :
أبوي لو هو حيّ روح كتابه
0000000000000000 مع الطير ولا موميات العلايم
فسحب الطفل رسن الناقة بقوة ، فإذا هو فاصل رأسها عن رقبتها ، فابتهر أبو زيد وقال : (هبّ من ها الصبي ) ، فأصابه بعينه فمات.
وأنشد أبو زيد قائلا ً :
طرحت على قبر الهلالي جوخته
00000000000000000 وخليتها تذرى عليه الهـــــبــايـــــب
وعقلت على قبر الهلالي بكرته
00000000000000000 ترغي وتفرك زورها والترايــــــب
ونثرت على قبر الهلالي قربته
00000000000000000 لو كان هو ما هوب منها بشـــــارب
ورميت على قبر الهلالي فتخته
00000000000000000 تلمع فصوص الماص بين النصايب
لعلنا أوردنا ما يلبي رغبتك من خلال هذا العرض البسيط لسيرة بني هلال وزعيمهم أبو زيد الهلالي. وهذه القصص معلومة جيدا عند كبار السن